مُقتطفات من رواية هدية موت
الساعة تدق الثامنة مساءاً فى قسم الاستقبال بمستشفى المدينة التخصصية ، الهدوء كان مسيطر إلا أن وصل الطفل ( فريد ) محمولاً على يد ( عم عرفان ) حينما طلب ( أحمد ) من الجميع بصوت عالى جهورى حضور طبيب ، لفت انتباه كل الحاضرين من طاقم التمريض و بعض المرضى الجالسين هناك و المارين فى الاتجاه المقابل ، جميع موظفى الإستقبال فى كل المستشفيات يمر عليهم أكثر من ذلك يومياً بل و كل دقيقة حتى تبلدت مشاعرهم و تجمد حسهم .
استجاب أخيراً شاب يرتدى الزى الرسمى للتمريض و أتى بتروللى ( سرير نقل مرضى ) حمل عليه الطفل و ساعدته أخرى قصيرة القامة تبدو عليها من نفس طاقم التمريض و من تعبيرات وجهها و شحوبه تدل على حداثة عهدها بهذا القسم و من الأرجح فى المجال ككل حيث أنها لا تتخطى الستة عشر عاماً .
يتجه الجميع فى اتجاه ممر واسع على اليمين و دلخوا الغرفة الرابعة يساراً ، رفع الطفل و وضعه على سرير الكشف أمام الطبيب الذى كان فى مقتبل عمره فعادة ما يكون أطباء الإستقبال من حديثى التخرج ، أخذ يفحص الطفل الهذيل أمامه و قد قيس نبضه و فحص عينيه ثم قام بوخز الأنامل ، و من ثم القدم ، لا استجابه من قبل ( فريد ) لما يحدث ، أمر حالاً بوضع جهاز الأكسجين و إعطاءه حقنه ، فعل المساعد و الممرضه ما هو مطلوب منهما فوراً فى وقت قياسى و بعد دقيقة أو أكثر بقليل و التى مرت على المرافقين كأنها شهر ، بدأ ( فريد ) فى الإفاقة و إستعادة وعيه الغائب عنه و العودة الحميدة إلى الحياة بعدما كاد أن يفقدها دون سبب واضح إلى الآن .
هرول ( عم عرفان ) و قبّله على جبينه بلهفة الجد .
- " الحمد لله .. حمد الله على السلامة يا راااجل .. نشفت دمنا " .
جثا الوالد على ركبتيه جوار طفله و الدموع تغرق عينيه المتألمة ، قبّل جبينه هو الآخر .
- " حمد الله ع السلامة يا حبيبى " .
استدار ليقف أمام الطبيب المعالج و تابع .
- " إيه اللى عنده يا دكتور " .
الطبيب بكل هدوء و روية و هو جالس على مكتبه المتواضع الصغير أبيض اللون يكتب روشته و هو ينظر إليها .
- " دى شوية تحاليل لازم يعملها فى أسرع وقت .. و دى شوية أدوية اللى ضرورى ياخدها فى مواعيدها و بانتظام .. أول ما النتجية تظهر تجيلى بيه " .
- " طب هو إيه اللى حصله ده .. و بسبب إيه " .
قالها ( أحمد ) بعد وصوله إىل المكتب و الجلوس على كرسى الإنتظار أمامه .
- " غالباً تعرض لعصبية أو زعل شديد .. و ده بيكون فى الحالات دى اشتباه لوجود صرع " .
- " صرع ؟! " .
رواية هدية موت
أحمد رضا
2019
تعليقات
إرسال تعليق